قيمة الاطمئنان في القرب بالحبيب

ما أعظم نور الله للمستوحشين

..{

في ليلة مكتظة بالشجون ..

تحمل بين راحتيها كل معنى للأسى ..

كنت وحدي اتكئ على أريكة مصنوعة من الجراح ..

أحمل في يدي كأساً من الهم أتجرعه ولا أكاد أسيغه .

.!!

رحــى الحزن في فؤادي تـدور ..

وصـــراع النفس في داخلي يتفاقم شيئاً فشيئاً

معارك حامية الوطيس ميدانها عيني

ثورتها تحجب عني الرؤية وتسقط فيها الدمعة تلو الدمعة

معلنة انهزامها أمام الوجــ ع ..!!

وجهي الذي كان مشرقاً كما الشمس أمسى شاحباً ممزوجاً بلون الألم القاتم

شفتي مغلفة بــ صمتٍ رهيب لم اعتده ..

وعلى جبيني علامات اكتئاب ..!!

أصوات الأنين تزمجر في حناياي ..

وتحاصرني لتقتل كل معاني الأمان

و بــ دون هــوداه ..!!

/

هكــذا كنت .. وهكذا كانت ليلتي ..

هــم يصاحبه غم .. وحيــرة يعقبها وجع ..

,

سبب ذلك أني

سقطت في غمــرة من التيه والضياع

فانكسرت ساق قلبي وعلى إثرها فقدت جُلَّ قــواي ..!!

وعجزتُ عن النهوض وانتشال روحــي من بين براثن العناء

و عمـــــــق الشجون ..

,

ألآت الاعتراض تدكني دون شفقه

و لهيب الضجر يلفحني

طوق من عدم الرضاء يشتد على عنقي ـ يخنقني ..

فتحتضر الانفاس و يزداد الأنيــن

وأجتـر في جُنحِ الظلام مواجـ ع ـي ..

أحـاول بصـراخ مثخـن مكبلٌ إلى حــد اليأس ..

أن أستجدي بـ “بصيص” أمل

لكن لا جدوى ..

فالآمال تتلاشى مني .. والآلام تتسابق إليَّ

والجــرح ينـزف ولكن بـــ بـذخ ..!!

/

/

لفني الحزن فشقيت نفسي وفاضت أدمعـــي

حينئذ شعرت أني لا محالة هالكـــة

وأن ملائكة الموت تتسارع في تكفيني

إلا

أن رحمة الله التي وسعت كل شيء كان لها قدم السبق

فبينما أنا ألوك جراحي بمضض

إذ غشيتني رحمته وحلت محل القنوط الذي كاد يأسرني

إن لم يكن قد أسرني ..!

\/

تذكرت حديث المصطفى

صلوات ربي وسلامه عليه “أرحنـــا بها يا بلال”

فاحسست أني بحاجة ماسة لها

كــ دواء لـ دائي

وما إن تذكرت قوله حتى شعرت بروحي تسوقني إلى

افتراش سجادتي والوقوف في محرابي أمام رب يعلم السر وأخفى

وفي السجود غشيتني نوبة بكاء ..!

,

شعرت أني بين يدي رب رحيم

لا يعلم بحالي سواه

ولا يرى مافي قلبي والهم الذي جثاه أحد غيره

فناجيته بقلب هيوب ونفس سبت في ظلام الذنوب ..

:

وصرخت يــــــا الله ..

يا من إذا ما أظلم ليل اليأس في قلوب المستوحشين

أنار بنور جلاله ظلمته ووحشته

و يا من إذا ما اشتد الكرب في نفوس التائهين وثار بركانه

فرج برحمته كربتهم

ويا من إذا ما سُدت طرق النجاة في وجوه الحائرين

وطوق أيديهم اليأس

أرسل سفنه لإنقاذهم من الغرق

:

ربـــاهـ

خذ بيدي كيلا أسقط في متاهات الحياة

وأغرق في محيط الألم

إذا أردت فاجعلني رهن مشيئتك وإذا قضيت فهيئ قلبي لتقبل قضائك

واجعلني راضية بما قسمت لي قانعة بنصيبي من دون الخلق

ولا تشقنـــي برحمتك يا أرحم الراحمين

:

أعوذ بك من أن تنزل بي ما لا أستطيع الصبر عليه

وأسألك أن تلطف بي وترحمني

فأنت أكرم من أن تعذب روحاً أقرت بوحدانيتك وشهدت أنك أنت الله ..

يا رحمن ارحمني في أحوالي كلها
وأنــر ظلمات دنياي بنور وجهك الكريم
وارزقني الرضا بالقضاء ..
والقدر ..

/

بعدها أدركت قيمة الاطمئنان في القرب من الرحمن

كل الأشياء تصغر في عينيك حتى لا تكاد ترى في غير قربه

مـــلاذاً ومأمنا ..

فـ لك الحمد و لك الشكر و لك الرضا ..~